البناء الاجتماعي والنظم الاجتماعية في الإسلام محاضرة بالأمانة العامة
:  ٢٢-٢٠١٥-نوفمبر     : ٣٩:١٢ PM ٧٤٨٠  8 years ago
> <

tasseel25

 

 

نظمت لجنة التأصيل الإسلامي للعلوم الإسلامي بعد مغرب يوم الأربعاء 6/2/1436هـ محاضرة بعنوان ” البناء الاجتماعي والنظم الاجتماعية في الإسلام” ألقاها الدكتور عبد الرزاق بن حمود الزهراني، وذلك بقاعة الدكتور مانع الجهني- رحمه الله- بمقر الأمانة العامة بالرياض.
وقد بدأ المحاضر حديثه بقوله: إن الإسلام العظيم الذي اختاره الله صبغة للمؤمنين فيه من جوانب العظمة والرحمة واليسر ما لا يمكن حصره، وفي الجانب الاجتماعي منه خصائص عدة سنقف على تفصيلها بما يبين ويوضح مميزات النظام الاجتماعي في الإسلام، مع العلم بأن الحياة في الإسلام مترابطة لا انفصال فيها ولا تضارب بين جوانبها بل هي بكل جوانبها متداخلة ومتكاملة ومتناسقة مع الفطرة التي فطر الله الناس عليها وهذا التناسق والانسجام مع الفطرة يكسب الحياة إشراقاً ونوراً وبهجة لا تتأتى إلا في هذا المنهج العظيم والصبغة الكريمة والسبيل القويم الذي أنزله الخالق الرحيم ولذا فإن أول خصائص النظام الاجتماعي في الإسلام.
أولاً: أنه نظام رباني:
نظام رباني بكلياته وجزئياته قد شرع الله فيه للإنسان كل جوانب الخير وهو أعلم وأحكم فالذي أحكم الخلق وأتمه أنزل التشريع وأتمه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً} [المائدة: 3].
ففي النظام الاجتماعي في الإسلام جاءت التوجيهات الإلهية والرعاية الربانية لكل جوانب حياة الفرد والأسرة والجماعة والأمة. 
وقال المحاضر: لقد سمع الله سبحانه مناجاة امرأة مؤمنة ومجادلتها في حاجة من حوائجها فكيف بحاجات المجتمع والأمة ؟!!، ففي هذا النظام الاجتماعي تتجلى رحمة الله ويظهر لطفه بخلقه وفي الآيات القرآنية التي تبين القواعد والآداب الاجتماعية وغيرها تكتمل النعمة والمنة الإلهية على البشرية بالهداية لها في سبيل حياتها بعد نعمة الخلق والإكرام.
وكم هي الخسارة للإنسانية إذا أبعدت عن هذه النعمة، وكم هي الشقاوة الاجتماعية والنفسية إذا أعرضت عن خالقها العالم بها واللطيف بها: {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك:14].
ثانياً: أنه نظام تعبدي:
وذكر الزهراني أن هذا النظام التعبدي في الإسلام تتم فيه الأعمال الصالحة استجابة لأمر الله وتكون فيه المبادرة إلى الإحسان لوجه الله تعالى: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ} [الإنسان: من الآية9] ولا تكون مبادلة المنافع المادية العاجلة هي الدافع بل هي من فضل الله الذي يمتزج مع العبادة بمعناها الشامل، إن الإسلام لا يعد العبادة فيه مجرد إقامة الشعائر إنما هي الحياة كلها خاضعة لشريعة الله {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام:162-163]. 
فالحياة بكل أنظمتها ونشاطاتها متوجهة إلى الله ومن ثم فإن كل خدمة اجتماعية وكل عمل من أعمال البر والصلة والخير عبادة لله سبحانه. 
وفي هذه الخاصية يتحقق في النظام الاجتماعي لذة الاحتساب الذي يجدها كل مخلص، ويسعد بها كل تقي، وتكسب الأعمال سمو الأهداف فوق مطامع الدنيا المحدودة إلى ابتغاء الدار الآخرة وهي خير وأبقى، التعبد لله وحده لا شريك له يضفي على الأعمال الاجتماعية كلها روحاً لا تجدها في غير الإسلام، فلا تجد في الرأسمالية مكاناً للإحسان وهذه الخاصية تدعو إلى الاستمرار في العمل مهما كانت ردود الفعل عند المحسن إليهم فالمقاصد سامية ولا تقف عند حدود المجازات والمكافأة من البشر لأن المحسن يرجو ما هو أكبر مما عند البشر يرجو رضوان الله والجنة، فما أعظم الغايات وما أسمى النيات المتجهة إلى الله. 
ثالثاً: أنه نظام متوازن:
وأضاف د. الزهراني قائلاً: فالنظام الاجتماعي في الإسلام تتوازن فيه حقوق المرأة وحقوق الرجل حقوق الفرد وحقوق الجماعة، وحقوق المجتمعات فيما بينها واستشهد الباحث بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}[الحجرات:13] تتوازن فيه متطلبات الإنسان العاطفية والعقلية وميوله ورغباته الجسدية والروحية فلا يطغى جانب على حساب جانب فتبارك الله رب العالمين الذي أنعم علينا بهذا التشريع الميسر والنظام الاجتماعي الكريم.
رابعاً: أنه نظام متكامل:
وأوضح د. الزهراني: بأن النظام الاجتماعي في الإسلام يقوم على التكامل بين الأفراد الذكر والأنثى كل له رسالة محددة يكمل بعضهم بعضاً. والناس بمجموعهم تقوم حياتهم على التكامل لا على الصراع، تقوم على أن يحب الفرد المسلم لأخيه ما يحب لنفسه فهم كالبنيان وكالجسد الواحد يكمل بعضهم بعضاً. الغني مع الفقير تقوم حياتهم على التكامل والتكافل لا على الحسد والتباغض والصراع الطبقي المقيت. الذي يظهر في المجتمعات الرأسمالية المعاصرة. وأيضاً التكامل في المهمات المتعددة والمناشط والمواهب الإنسانية التي يكمل بعضها بعضاً، فلا يمكن للفرد أن يصنع لنفسه كل حاجاته ولكن الجماعة في الإسلام يتحقق في رحابها جميع معاني التكامل في الحياة والتكافل الذي يحقق مصالح الدنيا والآخرة.
والتكامل في هذا الجانب يميز النظام الاجتماعي في الإسلام ويحقق قوة الترابط بين أفراد المجتمع على أساس من التقوى التي تزكى علاقة المسلم بربه وتنمى علاقة المسلم بأخيه المسلم وبمجتمعه وأمته.
وختم  المحاضر حديثه  بأن الأخوة في الله هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في تأسيس المجتمع المسلم في المدينة المنورة، وهي الطريق الواضح لبناء المجتمع المسلم في المدينة المنورة وهي الطريق الواضح لبناء المجتمع المسلم في كل وقت وحين، الإخوة الإيمانية التي لا يعرف لذاتها إلا من عايشها ولا يعرف أبعادها إلا من سابق فيها كيف لا وهي تقوم على الحب في الله بجماله وعاطفته وبهائه مع سمو القصد فيه، الحب القائم على الإيمان بالله ما أجمله وما أصفاه.
وقد حضر الندوة مجموعة من النخب العلمية من أساتذة الجامعات الذين أسهموا في إثراء المحاضرة من خلال مداخلاتهم ومشاركاتهم.
وتأتي هذه المحاضرة  ضمن سلسلة النشاطات العلمية والثقافية للجنة التأصيل الإسلامي للعلوم التي تعقدها في مقر الأمانة العامة.

 

Share

Leave a Reply

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.

الشهر الماضي
Back To Top Back To Top